العامُ الذَّهبيُّ لِرابِطَتِنا بَعدَ يُوبِيلِها الذَّهبيِّ

بعدَ احتفالِها الكبيرِ المَهيبِ بيوبيلِها الذَّهبيِّ؛ دخلت رابِطَتُنا – رابطةُ الكُتّابِ الأردنيين – عامَها الذَّهبيَّ الأوَّلَ بعدَ الخمسينَ من عمرِها المديد، بعقدِ عشراتِ الفعاليّاتِ الأدبيّةِ والفكريّة، وبإعادةِ الاعتبارِ للعديدِ من القاماتِ الثقافيّةِ المُغيَّبة. ونُظِّمَت، بوحيٍ من غزّةَ “الملحمةِ البطولية”، مؤتمريّن حول المقاومةِ وأدبِ الأسرى، بحضورٍ ومشاركةِ أسرى محرَّرين، كما قامت بإحياءِ جوائزَ قديمة، وإضافةِ جوائزَ جديدة.
وبالاستفادةِ من مكانةِ الرابطةِ في اللجنةِ العليا لمهرجانِ جرش، تبنّت موقفًا واضحًا وقاطعًا تجاه أيةِ فعالياتٍ غنائيةٍ أُخرى لا تَحترَمِ الدمَ الغالي في غزّةَ وفلسطين، وأعدّت الرابطةُ أكبرَ تظاهرةٍ ثقافيةٍ في تاريخِها وفي التاريخِ الثقافيِّ للأردن، وربّما في الوطنِ العربي، مع الحرصِ على ربطِ عناوينِ هذه التظاهرةِ بالجبهةِ الثقافيةِ ضدَّ العدو، فالأردن، كما فلسطين، وكلُّ شبرٍ عربيٍّ ليس عقارًا، بل وطنُ الحجرِ الورديِّ والأبجديّاتِ والإيلافاتِ الأولى للأمة.
وانطلاقًا من ذلك؛ اختارت رابطتُنا المكانَ وجماليّاتِه وذاكرتَه على امتدادِ الوطن، بدءًا بستِّ محافظاتٍ هذا العام، تُستكملُ العامَ المقبل، كعنوانٍ أساسيٍّ لفعالياتِ هذه الدورة. كما أضافت، ولأوّلِ مرّةٍ في تاريخِها وتاريخِ بلدِنا، “الذاكرةَ الثقافيّةَ للمخيّم”، تأكيدًا للتضامنِ الحقيقيِّ مع فلسطينَ مقابلَ المزاوداتِ المعروفة.
ولأوّلِ مرّة؛ وبموافقةِ إدارةِ مهرجانِ جرش، تمَّ تكريسُ دورةٍ سنويّةٍ ثابتة لـ”ملتقى السردِ الأدبيِّ العربيّ”، بمشاركةِ عشرينَ مشاركًا ومشاركةً من الوطنِ العربي، وتشكيلُ لجنةٍ تحضيريّةٍ أردنيّةٍ عربيّةٍ لذلك.
ويُشارُ إلى أن رابطتَنا هي التي رشّحت الجمعيّةَ الفلسفيّةَ لتكونَ شريكًا دائمًا في مهرجانِ جرش، وقد عقدت مؤتمرينِ في هذه الدورة وفي الدورةِ السابقةِ للمهرجان، حولَ النهضةِ وأزمتِها وآفاقِها، وحولَ التكفيرِ في زمنِ التكفير.
وتسعى رابطتُنا إلى شراكاتٍ جديدة، مثل إطلاقِ اتحادٍ لمختبراتِ السردِ العربيّ، وآخرَ عالميٍّ تحتَ عنوان “طريقُ الحريرِ الثقافيّ”، وكانت قد نظّمت له ندوَتينِ في عمّان وموسكو حول طريقِ الحرير.
وإضافةً إلى مؤتمراتٍ أخرى، مثل “ذاكرة المكان”، و”جماليّات المكان”، و”ملتقى السرد الأدبي العربي”، و”الذاكرة الثقافية للمخيم”، أطلقت الرابطةُ جائزةَ غالب هلسا “جماليات المكان في الأدب الأردني”، وهي بصددِ إشهار بقيةِ الجوائز، وعددُها ثمانِ جوائزَ في حقولٍ أدبيّةٍ وفكريّةٍ مختلفة.
ومِن قبلُ ومن بعدُ؛ يتواصلُ الشعرُ “ديوانُ العرب”، ودورُ الرابطةِ فيه، من خلال “بيتِ الشعر” منذ انطلاقِ مهرجانِ جرش، وستكونُ لنا وقفةُ مراجعةٍ مع الفوضى التي باتت تَعتري هذا الديوانَ في مهرجانِ جرش.
الزملاءُ الأكارم
في حصادٍ أوّليٍّ لهذه التظاهرةِ الثقافيةِ غيرِ المسبوقة، وبالإضافةِ إلى المشاركينَ العربِ في ملتقى السردِ الأدبي، فقد شاركَ حوالي تسعينَ زميلًا في هذه التظاهرة، امتدّت من إربد والزرقاء والمفرق ومأدبا والطفيلة ومعان، وإلى مخيمَي إربد وشنلر. وقد جرت جميعُها بإشرافِ فروعِ رابطتِنا، حيثُ وُجِدَت، بخاصةٍ في إربد والزرقاء ومأدبا، مُذَكِّرينَ بأنَّ المشروعَ يُستكمَلُ الدورةَ المقبلةَ في بقيةِ المناطق، مثل جرش وعجلون والرمثا والسلط والكرك، إضافةً إلى ذاكرةِ المكان وجماليّاته في عمّان.
الزملاءُ الأفاضل،
بهذه التظاهرةِ الثقافيةِ المهيبة، وما سبقَها من فعالياتٍ ومؤتمراتٍ ثقافيةٍ وأخرى تتعلّقُ بثقافةِ المقاومةِ وأدبِ الأسرى والتضامنِ مع غزّة، تؤكّدُ رابطتُنا دورَها في المشهدِ الثقافيِّ غيرِ الحكوميّ، كما تؤكّد أنّها المُمثّلُ الحقيقيُّ للكُتّابِ الأردنيين، وأنّها جديرةٌ بهذا التمثيل، رغمَ الإمكاناتِ الماليةِ المحدودة، والاعتذاراتِ الحكوميةِ المتواصلةِ عن زيادةِ هذه الإمكانات، ومساعدةِ الرابطةِ في إنشاءِ مقرٍّ دائمٍ خاصٍّ بها، والارتقاءِ بالتأمينِ الصحيِّ لأعضائها، وكذلك استثناءِ الرابطةِ من هيئاتِ وزارةِ الثقافة ذاتِ الصلةِ بالشأنِ الثقافيّ.
إنَّ ما بلغناهُ معًا من حضورٍ كبيرٍ هذا العام أعادَ للرابطةِ مقامَها العالي في المشهدِ الثقافيِّ لبلادِنا، لا يجوزُ أن يُنسينا ما نقعُ فيه وقد نقعُ فيه من أخطاءٍ وتعثرٍ وقصور، تستدعي النقدَ الصارمَ “غيرَ التربُّصِ والنكاياتِ الشخصيّة”. لذا فإنّنا نسعى لتنظيمِ اجتماعٍ حاشد، لا مجاملةَ فيه لأحد، نسعى لتكريسهِ تظاهرةً سنويّةً تحتَ عنوان “النقد والنقد الذاتي”، ومِن دونِ ذلك نتحوّلُ إلى بحيرةٍ راكدةٍ للطحالبِ الثقافية، ما يَحجُبُ الندى عن شبابيكِ بيتِنا العتيق.